فرحت غزة لأنها لم تعد ترى دبابات العدو حول دارها..
صارت تلعب مع صديقاتها في حارتهن الضيقة ..
قلبها البريء لا يعرف حقدا ولا كراهية ..
كانت تزهر فرحا .. ودا .. حسنا وشقاوة ..
الجنازير الثقيلة لم تعد تسمع زعيقها كل صباح ومساء ..
رأت أباها شرطيا يحميها ..
رأت أمها تخرج وتعود بأمان ..
رأت الصغار فرحين بعودتهم إلى المدرسة ..
لكن .. فرحة عزة لم تستمر ..
عادت دبابات العدو تنشر الرعب والفساد ..
قامت غزة من حلمها الجميل ..
جمعت كل حجرة في الحارة ..
رأت مدفعا يضرب بيتها ..
رمته بحجارتها النارية ..
صارت تقفز من زاوية إلى زاوية ..
تحمل حجارة لا تموت .. حجارة لينة طرية .. أقوى من قلوب العدو القاسية ..
عزة تضرب .. العدو يضرب ..
لمحها جندي مجرم ..
كره طفولتها .. بطولتها .. عنفوانها ..
صوب بندقيته .. أطلق رصاصة ..
طارت الرصاصة إلى صدر غزة .. اخترقتها .. إلى حضن فتاة صغيرة كانت تقف خلفها ..
حملتها الفتاة .. أعادتها إلى عين ذلك الجندي القبيح فقلعتها ..
فرحت غزة .. في آمان ..
كانت سعيدة سعيدة وهي تودع الحياة ..
في حارتها ألف غزة ..
إن ماتت واحدة ففي كل يوم تولد غزة جديدة